التدبر (التأمل) القرآني والحضارة المهدوية؛ الجلسة الأولى: نظرة موجزة على محتوى الدورة ، ونظرة مختصرة على مؤدبة الرمضانية السماوية

• صوت الجلسة
• صوت مباحثة

معنى عنوان الدورة:

مفهوم التدبر (التأمل):

بشكل عام ، عندما يتعلق الأمر بالتدبر القرآني ، هناك نظرة شاملة في التدبر القرآني ، وليس نظرة جزئية. و جذور هذه العبارة أساسا تأتي من القرآن والنصوص. في التدبر القرآني ، مهما كان ، يجب النظر إلى جسد القرآن وفقًا لاطاره العام، لذا ترى أن كلمة تدبّر المذكورة مرتين في القرآن ، يقصد بها كل جسد القران و ليس الآيتين التان تضما هذه الكلمة. في هذه الدورة ، نريد أن نجد المنطق السماوي للقرآن في تلك المساحة الكبيرة باستخدام التدبّر القرآني (نظرة شاملة للقرآن كله) ثم دراسة النقطة الدنيوية ونقطة الهدف في ذلك الفضاء على ميدان الصراع.

الحضارة المهدوية (عج):

معنى الحضارة المهدوية هو إظهار التربية الالهية منذ بداية التاريخ بنبوة الأنبياء ورسالة الرسل و من ثم بالإمامة حتى الوصول إلى عصر الظهور. “هُوَ الَّذیِ اَرسَلَ رَسولَهُ بِالهُدی وَ دینِ الحَقِّ لِیُـظهِرَهُ عَلَی الدّینِ کُلِّه”  في هذه الآية الكريمة ، الرسالة كلها مرتبطة بالمهدوية ، وكل ما يحدث من واقعة مبعث الرسول الكريم حتى ظهور إمام العصر يمكن رؤيته في اطار عام ، وهذه في الواقع نظرة تدبّرية. من ناحية أخرى ، ترتبط الحضارة المهدوية بوجود القواعد السماوية على الأرض ارتباط كامل ، كما قال مولانا أمير المؤمنين (ع): “أني أعلم بطرق السماء من طرق الأرض”.

بشكل عام ، نريد اكتساب معرفة مناسبة واستراتيجية للمَشاهد والخطط الرائدة من خلال التفكير في أكبر خريطة في العالم (القرآن) ودراسة كيفية التحرك نحو تلك العوالم الشاسعة وفق الظروف الراهنة.

مواجهة الصهيونية و من ثم آخر الزمان:

يجب أن نجد الجزء الصحيح من الخريطة المهدوية القرآنية بما يتوافق مع ظروف الوقت الراهن بالعالم والتشبث به. ما بين هذه البرهة و ساحة الإمام المهدي ، يقع هنالك آخر الزمان.

إذا أحب الناس الإمام المهدي عج ، فلا خيار أمامهم في هذا الوقت سوى رؤية فترة آخر الزمان بينهم وبين الإمام. الآن نريد عبور آخر الزمان من أجل الإمام ، هل هناك فقط هذا الحاجز بيننا وبينه؟ أم هنالك شيء آخر؟ من المواضيع التي نتناولها في هذه الفصول موضوع مواجهة الصهيونية. هل رأيتم مراكز بحثية ، تطرح محاربة الصهاينة ضمن خارطة الطريق المهدوية؟ كما آمن المرحوم الشيخ مازن الشمري بالوعود بالمخطط الإلهي بين هذه الفترة وآخر الزمان. كان من بين هذه الوعود مواجهة النقطة المحورية للفساد العالمي ، وهي الصهيونية. يجب أن نعرف أولاً إلى أين نريد أن نذهب ثم نجند.

عندما ننظر إلى الأمر على هذا النحو ، فإن التطورات على جبهة الحق تصبح مهمة بالنسبة لنا ، وأحداث اليمن وسوريا والعراق ولبنان تصبح مهمة ، لأننا نرى خارطة الطريق بشكل صحيح. كل هذه القضايا هي جزء من الاستعدادات العظيمة في الوقت الحاضر للوصول الي آخر الزمان.

استعدادات هذا الزمان وانسان المستقبل:

وبحسب النصوص والروايات القرآنية ، فإن جميع الأنبياء ورسل الله ، بالإضافة إلى الجنة والقيامة والمهدوية ، قد أبلغوا بآخر الزمان وبعض الأمور والمناسبات الخاصة بها. وهذا في حد ذاته يدل على أهمية هذه اللحظة بالنسبة للقادة الكبار في جبهة الحق ، الذين حذروا منها منذ 5000 عام. في كل عصر من زمن آدم (عليه السلام) إلى زماننا وحتى المستقبل ، يخلق الله تعالى الاستعدادات والانتصارات لإعداد أهل هذا الزمان للمستقبل.

 نحن نعيش منذ ألف عام ، ولا حرج في ذلك ، الله سبحانه و تعالى في ذلك الوقت يخلق الظروف لنا لنصبح بشرًا في المستقبل ، لذلك فإن النبي في ذلك الوقت سوف يطلعنا على قضايا المستقبل.

هذا هو استمرارية التاريخ ، فالله سبحانه يرسل تيارات وعناصر منذ زمن آدم ، ويضع بعض العرصات او المحدثات ليستعد البشر للمستقبل وبناء المستقبل. إذا لم يكن الأمر كذلك ، فماذا يعني التعلم من لسان الإمام الصادق (ع): :”فَأَخْرِجْنى مِنْ قَبْرى مُؤْتَزِراً کَفَنى، شاهِراً سَیْفى، مُجَرِّداً قَناتى، مُلَبِّیاً دَعْوَةَ الدّاعى”، لماذا؟ هل هي مجرد كلام؟ لا تصدر الكلمات من وجهة نظر دينية فقط من اجل التحدث بها لا اكثر، بل بالتناسب مع حجم الكلمات و العبارات هنالك نزول للاعتدة و المواد الانشائية و النصر. في كل فترة تاريخية وفق تفسير الإمام الصادق (عليه السلام)  من اجل تسليح الناس في كل زمان بهذه الكلمات، تنزل بعض الامدادات ، لذلك يجب أن نعرف خريطة المشاهد و الوقائع الموجودة  ونبني أنفسنا وحاضرنا وفقًا لها.

لدينا حديث من الإمام الرضا (ع) بمضمون أن كل معجزات الأنبياء والمرسلين (ع) ستستخدم في المهدوية. المعجزات لا تأتي من اجل المرح ، فضاء المهدوية فضاء عظيم ، بل هو أكبر من التاريخ كله ، يجب استخدام جميع المعدات التي حصلت على مر التاريخ في هذا المجال.

آخر الزمان النهائي:

وفقًا للآيات والأحاديث ، يمكننا دراسة ااربعة اواخر للزمان ، وفي الوقت الحاضر نحن على وشك الدخول في أخر الزمان الرابعة والأخيرة. هذه الفترات الاربعئ متداخلة فی بعضها و یتم تعریفها كل منها من خلال الفترة التی تسبقها.:

1-    أخر الزمان التي بدأت بعد خلق الأرض وطول حياة الملائكة و الاجنة ، قد بدأ بخلق الجنس البشري والنبي آدم (عليه السلام).

2-    أخر الزمان التي يعرّف بها الرسول الكريم نفسه ويطلق على نفسه رسول 1- نهاية العالم التي بدأت بعد خلق الأرض وطول حياة الملائكة والعفاريت والنساء بخلق الجنس البشري والنبي آدم عليه السلام..

3-    أخر الزمان التي وعدت ، مع حدوث حوالي 2000 علامة بمحوریة الفساد ، الذي دخلناه منذ ما يقرب من 100 عام.

4- وأخيرًا ،أخر الزمان نهائیة ، وعلاماتها من 5 إلى 10. ستكون هذه الفترة تمهیدا لأحداث طبيعية غريبة وعظيمة ، ونزول السيد المسيح عليه السلام ، ونزول دابة الأرض ، الجيش السفیانی  وما إلى ذلك.

نحن الیوم علی مشارف أخر الزمان النهائیة.

الجدول العام للمحاضرات:

أبتداءا ، سنتحدث في جلستين عن شهر رمضان كمنصة مناسبة لتجهيز وتسليح أنفسنا للاستفادة من الاستعدادات  و الامکانات الرائعة لهذا الوقت الحاضر. في الجلستين القادمتين سنتحدث عن معوقات الحركة في یومنا هذا الذي شكل فيه الشيطان ذروة الإغواء و تزیین الحیاة ، وسنشرح السلوك للفئة التي هی محور هذا الفساد. ان‌ها نفس الفئة التی لا یبدأ آخر الزمان النهائیة الا من خلال الاشتباك مع تلك الفئة. بعد ذلك سنتحدث في ثلاث جلسات عن قدرات ومواهب جبهة الحق ، والتي بدأت مع الشعب الإيراني و ستؤدی إلى أن تصبح أمة جبهة الحق  ، وأخيراً ندرس تشكيل الأمة الصغيرة باعتباره نقطة بدایة آخرالزمان النهائية.

ضيافة الله واني قريب …

فإذا ركزتم على الآيات من 183 إلى 186 من سورة البقرة ، ستلاحظ في هذا السياق أن الحديث عن الصيام ، وموضوع رمضان ، ومناقشة ما يتعلق بهذا الأمر يناقش بشكل صريح وواضح.

من المثير للاهتمام أن نرى آية في نفس السياق و التي عادتا نجعل هذه الآية بمعزل عن شهر رمضان في هذه الـ 1400 عام المنصرمة: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ  أخذنا هذه الآية ،آية عامة ، نعم الله سبحانه دائما قريب منا ، ولكن أين موقع هذه الآية في القرآن؟ لماذا قطعناها ان هذه الآية مرتبطة بشهر رمضان؟ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ يمكن ان نتباحث بشكل اوسع وفق هذا المنطق عندما نذهب إلى روايات أيام الشعبانية. يقال ان في أيام شعبان أن شجرة الطوبى تقرب أغصانها من الأرض ، أي أن توجد هنالك متغيرات قيد الحدوث بين العالمين ، وفضاء الجنة يقترب من الأرض ،  و مع اقترابها يحل شهر رجب  و باقتراب فضاء الجنة اكثر و اكثر، يحل شهر شعبان و بهذا الاقتراب يحل شهر رمضان المبارك. ستكون ضيافة الله. يسود هذا الموضوع والاجواء في الأرض لدرجة أن أثر حضور ربانيت الله على الأرض هو جماح أيدي وأجنحة الشياطين ، فيقال إن هذا النوع من الشياطين سينغمر بالبحر ، و يصبح لا وجود لهم على الإطلاق ، و هذه من تبعات التيار التوحيدي على الأرض اذا شهر رمضان نقطة عطف هطول الخيرات في كل الازمنة. مع اقترابنا لآخر الزمان ، تقترب ذروة الهطول في كل القرون في شهر الرمضان القريب من آخر الزمان ، يعني ما الذي يحدث في جبهة الحق؟ قائد جبهة الحق يقول انه وقت التسليح، فلماذا هؤلاء يتصرفون بهذا الشكل ولماذا لا يستفيدون بشكل صحيح ..؟

خلق الشهور والدين القيم:

و لكن تلاحظون ان هنالك كاميرا أعلى في الآية 36 من سورة التوبة ، أين هي مدينة الله هذه؟ انَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً في کتابِ اللهِ. متى كان من المفترض أن تكون 12 شهرًا؟ من يوم خلق السماوات والأرض ، جعل الله سبحانه و تعالى هنالك 12 طريقًا سريعًا ، كما جعل الله سبحانه 12 فضاءا واسعا. النهر الذي سيطلق عليه رمضان فيما بعد ، النهر الذي سيطلق عليه رجب فيما بعد … طبيعة المجريات ليست مجرد خلق عناصر مادية ، لأن القضية المطروحة هي خلق السماء والسماء في الاغلب لها طابع برزخي. لذى ، في كل شهر ، يتم توصيل مساحة خاصة من السماء بالأرض ، ومن المثير للاهتمام أنه في قاعدة أكثر تعميم ، ورد في سورة شمس أن الشمس هي الرسول ، أو بخصوص القمر، الفكرة المطروحة ان القمر هو إشعاع أهل البيت.  12 امام ، 12 إشعاع  ، لماذا جعل الله تعالى 12 فضاء في خلق السماوات والأرض؟

الملاحظة ألاخرى هي أنه عندما يقول الله سبحانه و تعالى أنني خلقت 12 شهرًا من يوم خلق السماوات والأرض ، 4 أشهر منها اشهر حرم. يقول سبحانه هذا دين القيم،هل هذا دين القيم؟ ما علاقة هذا بها؟ ما نعرفه من الدين هو الصلاة ، والصوم ، والجهاد ، والحج ، والخُمس ، ما هذا النوع من الدين المرتبط بخلق السماوات والأرض والشهور الاثنى عشر؟ عندما ننظر إلى الآيات بمنظور عام، ما نراه من التدبر هو الدين القيم المرتبط بتكوين الخلق. الدين القيم متشابك و عجين مع جسد السماوات والأرض ، إذا ما ننظر للآيات المختلفة بهذه الطريقة ، فإننا نعبد بطريقة مختلفة على الأرض ، و سيصنع الإنسان بطريقة مختلفة .

الدين القيم الذي جاء وصفه وشهر الله ، فرصة جيدة لفهم الدين القيم هذا ، وبالمناسبة ، عندما نريد التدبر في القرآن ، عندما نريد أن نرى هذا الزمان حتى المهدوية ، يجب أن نذهب أعلى بقليل من هذه النسبة المتدنية من الدين … فأي دين سيصبح ديننا من اجل الدخول في آخر الزمان؟ الدين القيم. إذا كنا نبتة تدخل في آخر الزمان ، فسوف نفشل ، ويمكن لصاحب الدين القيم أن يدخل في آخر الزمان. لماذا لا يمتلك الجميع إلنظرة الأممية؟ لماذا لا يستطيع الجميع دخول آخر الزمان؟ لماذا لم يتم استدعاء كل شخص من اجل ان يكون ضمن الأمة المعدودة؟