التدبر (التأمل) القرآني والحضارة المهدوية؛ الجلسة الثانية: أبعاد الضیافۀ السماويۀ في رمضان وكيفیۀ النظرۀ القرآنیۀ في مواجهة اتباع الديانات الأخرى

• صوت الجلسة
• صوت مباحثة

مراجعۀ القسم النهائی للجلسة السابقة:

وفقًا للآية 36 من سورة التوبة ، حدد الله 12 شهرًا و 12 طريقًا سريعًا في يوم خلق السماوات والأرض ، 4 منها لها خصائص خاصة. بطبيعة الحال ، أحد هذه الأشهر الـ 12 ، التي تم تحديدها في بداية الخلق ، وأفضلها هو شهر رمضان وشهر الله ألاكبر. في هذه الآية ، يعرف الله تعالى إدراج هذه الأشهر الـ 12 على أنها الدین القیم ، والتي تختلف كثيرًا عن فهمنا العام للدين. ومن ناحية أخرى تم دراسۀ الآية 186 من سورة البقرة و بینا بان “.وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌأُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاع … “ينبغي دراستها في سياق شهر رمضان ، وهذا قرب الله یقع في شهر رمضان …

لماذا توجد هذه الميزات الرائعة لشهر رمضان؟:

السؤال هو ، لماذا نرى هذا الفرق الكبير في شهر رمضان المبارك؟ لماذا قراءة آية من القرآن في هذا الشهر تعادل ختمۀ للقرآن؟  لماذا التنفس فیه تسبیح؟  لماذا النوم فیه عبادۀ؟ لماذا هذا القرب الالهی ..؟

يمكن تحدید 4 إجابات لهذا الموضوع:

1. ، ليلة فدر و التي تُنزل فيها كل أمور السنۀ .
2. لشهر رمضان ، ليلة فدر تنزل فيه الملائكة وأصحاب الشأن.
3. لشهر رمضان ، ليلة فدر ينزل فيها مخلوق عجیب و عظیم اسمه الروح. هذا المخلوق ليس ملكًا ، لكن وفقًا لسورة النحل ، تنزل الملائكة من خلاله. أي أن كل الأمور تصل إلى إمام العصر (مثل) من خلال روح القدس. الأشياء التي تسبب الحرکۀ وتغیير الغيبۀ إلى أرض الظهور.
4. نزول القرآن في شهر رمضان. ال نزول القرآني الذي – الذي جعل الله عز وجل جزء من هذ القرآن فی هذه الدنیا ملموسا في وسط لیلتی القدر بشكل عینی و موضوعي . نزل القرآن بشکل مکتوب قبل 1400 عام ، و لكن ينبغي ان تتحق جمیع آیاته في الأرض و یجب ان تتمثل . أيّ آیه أو آیات في ليلۀ القدر حتى ليلۀ القدر القادمۀ ينبغي ان تغیر مسار التاریخ متجها الی ارض الجنۀ ؟ أي آیه أو آیات في الليل القدر التاليۀ ينبغي ان تقوم بهذا العمل؟  مجموعۀ من الایات المنزلۀ ، علیها ان تغیر العالم بشکل عینی و ملموس و ذلک منذ فترۀ صدر الاسلام التی وضع فیها جل جلاله ، لیلۀ القدر الی یومنا هذا الذي علی وشک ان ندخل سنۀ 1401 الشمسیۀ  ، الله سبحانه و تعالی فی هذه السنین الطوال و من خلال بعض الایات ، یصنع التاریخ الدنیوی ؛ و اساس صناع هذا التاریخ ای الروح و الملائکۀ و امام العصر و الاناس الذین یبغون ان یساهموا بالعمل من خلال خدمۀ هذه السلسلۀ و یرافقوا هذه الشجرۀ الالهیۀ  ، کلهم مساهمین و مشارکین فی صنع التاریخ باتجاه المستقبل ، شهر رمضان  هو مرکز الثقل لهذه المتغیرات  و مرکز ثقل هذا الشهر هی لیلۀ القدر.

طلب المغفرة. الحد الادنى من السلوك …

و ها هو اليوم ، نفس ذلك القرآن قد يضع أسس صناعة التاريخ في خدمة ولي الله و من خلال شهر رمضان. ان نزول الروح، نزول الملائكة و نزول ألامور متجها الي الدنیا ، انطلاقا من البرزخ فی هذا الشهر العظيم بعنوانه مأدبة الله و بعنوانه شهر الله ، يصنع شهرا بسعة برزخيه عاليه.

في هذا الشهر و مع استقرار ولي الله  في ليلة القدر ، يسلك القرآن الکریم في ليال القدر طريقه من عالم المفاهيم ، من ميدان الفهم ، الي ميدان العمل و حقائق العالم و المفاهيم الأساسية للعالم ، تدخل الي الدنيا. تتغير حياة العالم من شكل مادي بحت إلى حياة سماوية ، وتصبح الحياة البشرية المادية حياة سماوية. لكن اناس مثلي اكتفوا فقط بان في نهاية رمضان ، يقولوا : يا رب ، هل غفرت لنا؟ يا الله هل غفرت لنا خطايانا؟ هل سامحتنا؟ من رمضان إلى رمضان استغفرنا وسعينا للاتصال بالله سبحانه من خلال طلب المغفرة ليس الا. كما عبر آية الله العظمى آملي ، عندما  نضع القران علي رؤوسنا ، لم نسعى إلى ان نحكم القرآن على حياتنا. وفق الله الإنسان أن يضع القرآن على راسه و ان يعلمنا المعصومنا هذه الطريقة ، هو بمعنى ان أيها الإنسان ، انا أريد أن أضع العنصر الرئيسي على رأسك! تعال واجعل القرآن تاج رأسك ، تعال و ضع قواعد الوجود و الخلق على جسدك ، وخلال العام اجعله الحاكم على وجودك و كيانك ، وتحرك و عش حياتك بهذا القرآن. عش حياة قرآنية سماوية و حياة ما وراء السماء …

سلوک الصالحین فی الدنیا:

فن المؤمن هو التعرف على القرآن في رمضان ويحمل آيات القرآن. يتصرف في السماء و لديه يد في تطورات الأرض ، بيد إلى السماء ورجل على الأرض ليتدفق السماء إلى الأرض من خلاله ، وبالتالي يساعد كل إنسان في بضعة عقود من حياته لنقل ليلة القدر إلى ليلة أخرى من القدر ليمهد طريق عالم الدنيا المادي نحو الحضارة المهدوية. الحضارة المهدوية تتغلب على الأمور السماوية بتدفق الأمور السماوية على الأرض! تتجسد الحضارة المهدية ب من خلال الأشخاص الذين احتضنوا تدفق النور ، وثنيوا أكتافهم ، وتحملوا حمل آيات القرآن. يحفرون الأرض ويبنونها ويصلحونها حسب آيات القرآن. شهر الله العظيم هي ساحة يتسلح فيها الإنسان ليحمل التيارات العظيمة. هؤلاء هم الصالحين. من اين يستسقون الصالحين؟ على أي مائدة يسترزقون؟ العيون الرئيسية لهم هو شهر رمضان وليلة القدر ، اذا ما يكون نوم عموم البشر عموم الرمضانيون عبادة ، فالصالحين لا يكتفون بهذا التسبيح و هذه العبادة التي جل معناه هو طلب المغفرة من الذنوب ، فهل جعل الله سبحانه كل هذه السعات و الإمكانيات من اجل  اغفر لي ربي؟ ثم ماذا؟ وماذا عن ظهور الإمام زمان؟ ماذا عن الانتقال إلى أرض الموعد؟ ماذا عن مساعدة المظلومين؟ ما هو مجال التفسير لفهم المستضفين؟ ماذا عن القضاء على الفقر من المجتمع والعالم؟ الصالحين يوضعون في هذا النهج من اجل ان يكسوا ، وان يرووا ، وان يصلحوا و ذلك من اجل القضاء على الفقر …

كيف يتعامل القرآن مع الأديان ويتجه نحو الحضارة المهدوية:

في الآية 48 من سورة المائدة تحدث الله تعالى عن جو عظيم و رائع ، وهذه الآية من الآيات العامة التي نزلت في الإسلام ، وقد أوضح الله تعالى في هذه الآية مسار جميع الأديان.

( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)

الشریعة و المنهاج:

في هذه الآية ، يخاطب الله تعالى النبي ص عن نزول مخلوق سامٍ اسمه الكتاب (الذي إذا نزل نراه في العالم بهیئة القرآن). لقد كشفنا لك ذلك الكتاب الاعلي خطوة بخطوة في قائمة الحقيقة ، في نظام الحقيقة ، في منطق قائم على الحقيقة. ماذا يحصل؟ مصدقا لما بین یدي ليصادق على كل ما هو أمامك! ماذا امامك؟ الكتب السماوية أمامك. مهيمنا عليه، یا أيها النبي ، هذا الكتاب الذي أنزلناه عليك ، له الأسبقية على جميع الكتب السماوية السابقة ، فهو شامل لجميع الكتب السماوية السابقة.

فاحكم بینهم بما أنزال الله ، أيها النبي ، احكم بینهم بما أنزل الله تعالى في ذلك الكتاب على وفق اسس هذا الكتاب العظيم! طیب من هم؟ إذا نظرنا إلى الآيات السابقة ، نجد أولاً الأمور تتعلق بعیسی (عليه السلام) ، وقبل ذلك تتعلق القضايا بقوم موسى عليه السلام. إن الله سبحانه وتعالى يطرح هذه الآيات في جو ملئه الأديان ، و لاتتبع اهوائهم عما جائک من الحق ، یا ایها النبی لا تکن اسیر الشهوات لدی هؤلاء ، و لا تتبع اهوائهم بدل طریق الحق! لکل جعلنا منکم شرعه و منهاجا. كل من هذه الأديان لها شريعة ومنهاج خاص بها. الشريعة التي منهاجها عدل والمنهاج الذی شريعته عدل. كل واحدة من هذه الأديان تتحرك بتيارين كبيرين ، تيارين كبيرين في قوم موسى ، تياران عظيمان في قوم عیسی ، و تياران عظيمان في قومکم انتم. تيار الشريعة و تیار المنهاج ، التيار الذي يتحدث عن القواعد والموجود في الكتب السماوية المنزلة ، والتيار الذي يقوم على اساس سنة الرسل السماويين. في روايات الثقلین صحيحة السند ، لاحظنا ؛ كتاب الله وعترتي. یتم الحدیث عن كتاب الله وعترۀ الرسول. قال الرسول الكريم أنه لا يمكن فصل الاثنين حتى الحوض. كان لكل من الرسل الاولوالعزم في قومه عنصرين عظيمين: کتاب الله المنزل وتیاره الخاص به الذی انقاد عن طریق الاوصیاء. وهنا يتكلم الله سبحانه و تعالی بهذه الأداب الشریعۀ و منهاجها اي القواعد التی تطرح من خلال کتاب الله و المنهاج أي  السنن التی تترک من قبل الرسول الاولوالعزمی و اوصیاءه.

ساحة الاختبار:

في جمیع اقوام الرسل اولوالعزم  كان هناك تياران عظيمان ، لكن الله تعالى يقول: “ولو شاء الله جعلکم أمة واحدة “. لكني لم أفعل ذلك ، فمنذ البداية هنالك خمس شرائع عظيمة بموازاة المنهاج الخمس الكبرى ، لماذا؟ ولاکن لیبلوکم فیما اتاکم. من المفترض أن یدخل الجمیع مجال الاختبار ، فماذا ستكون النتيجة؟ فستبقوالخیرات! الی الله مرجعكم هي ساحة ، ساحة  انا لله و انا علیه راجعون هي ساحۀ  و فی تلک الساحۀ فینبئکم فیما تختلفون. هذا الاختلاف ما بين الشرائع والاختلاف في طريقة السلوك ما بین مجامیعکم الکبیرۀ، هو من اجل النمو  و بشکل عام لكي تصبح المسيحية مسيحية قوية بشكل عام! اليهودية ، تصبح قوية و …

السیرإلى المستقبل:

یا لیت لتيار المسيحية اليوم ، تيار اليهودية اليوم ، تيار المسلمين اليوم ، عندما یجلسوا على طاولة القرآن ، یرفعوا هذه الآية معًا باعتبارها آية الأديان الكبرى و یبدأوا تقدمهم نحو المستقبل.

دعونا نتحرك جميعاً نحو مستقبل مشرق ، ماذا سيحدث إذا اکتفینا بهذه الآية من سورة المائدة؟ ليس فقط مدن إيران ، وليس فقط الشرق الأوسط ، بل المجتمع الدولي سیکون مدعو  إلى تحرك سماوي. ماذا دعانا الأربعين؟هل لشیء غیر الحركة السماویۀ؟ ألم يقول ذلك الرجل العلماني بإنني اجرب عيش حياة مختلفة؟

العالم يتغير بشكل جذري. تيار شهر الله العظيم ، من ناحية ، يضخ کثاقۀ من النور في العالم ، و ساحۀ الأربعين ، من ناحية أخرى ، یحقق الحياة السماوية على الأرض. أنا وأنت كيف نتعامل مع القرآن في اجواء رمضان؟ القرآن الذي لا يدعو للعيش المناطقي ، القرآن الذي لا يدعو للعيش المنزلي ، القرآن الذي يدعو للعيش العالمي ، ولكنه يتحدث وفقًا لمبادئ جميع الأديان. فيقول للنبي الكريم: فحکم بینهم بما انزل الله ، احکم للمسيحيين على ما موجود في کتاب المسیحیۀ ، وعلى اليهود حسب ما موجود في كتاب موسى ، و للمسلمين على ما موجود في كتاب الله “. القرآن یدعو الی حياة عالمية ، اساسا ، يجب أن يكون الانسان المسلم مستعدًا للحركات العالمية. القرآن كتاب ماوراء الأديان ، كتاب دولی عالمي ، كتاب يحقق الجنة ، كتاب يدعم الحضارة المهدوية الاخرویة و السماویة. یجب علینا ان نضع ید علی کتاب الله مع وضع قدم فی ساحۀ الدنیا و نسیر هکذا. نحن الذين نرید أن نتحرک  هکذا وأن قرآنيين ، وأن تكون لنا حياة قرآنية على الأرض ، يجب أن نکون على دراية بالطرق التي یرسمها القرآن.